مع الشيخ نعيم النعيمي

مع الشيخ نعيم النعيمي

كانت لفضيلة الشيخ سي عطية رحمه الله لقاءات ومراسلات مع العلماء ، فقد كان يزوره فضيلة الشيخ نعيم النعيمي رحمه الله ويمكث عنده في البيت كثيرا من الوقت ، وقد سبق للشيخ نعيم النعيمي رحمه الله وهو من أبناء نائل وعاش في بسكرة ، أن مكث عنده في الجلالية عدة سنوات،حسبما روى لنا ذلك الشيخ سي عطية نفسه، وقد ذكر الأديب الشاعر الدكتور عبد الله حمادي ـ رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين ـ سابقا ـ و أستاذ جامعي ،” فالشيخ النعيمي من خلال هذا يطل علينا بوجه العالم الصيرفي ، ويكفيه في ذلك فخرا شهادة الشيخ ( عطية ) لما رآه و هو في حداثة سنه يقدم على نظم ” قطر الندى وبل الصدى ” للشيخ العلامة ابن هشام الذي شهد له ابن خلدون بالقدر والإبداع قائلا فيه 🙁 ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر علم بالعربية يقال له ابن هشام أنحى من سيبويه ) ومع ذلك فالنعيمي أقدم على هذا العمل الشاق ، ونظمه في حوالي خمسمائة بيت من الشعر التعليمي ، والذي يعد أثرا من أثاره النفيسة مما جعل الشيخ عطية من الجلفة ، كما ذكرنا سابقا يطرب لهذا السعي الجبار ، و يثني عليه قائلا :

 

   نظمت قطر الندى بسحر بيانك  *  ما أنت  الاّ سيبويه زمـانك

   أتمـم أتـمّّ الله نعمتـه  عليك  *  وزان بالمختار رفعة شانـك.

 فاهتز النعيمي1 لهذا الثناء الذي لقي فيه تشجيعا على مواصلة عمله ورد على القائل بالمثل :

 

   أتحفت خلَّك مذ تسامى شأنك   *   ببديع لفظ سطَّر تـه بنانك

   ونظمت عقدا بللآ لئ يزدهي   *   فالنظم نظمك والبيان بيانك.

     وبفضل تشجيع الشيخ عطية أتمَّ النعيمي ما أقدم عليه ” . انتهى قول الدكتور حمادي

   ظل الشيع  نعيم النعيمي في الجلالية صحبة الشيخ سي عطية يقرأون أمهات الكتب ويتدارسونها ويفكون غموضها ، ويسبرون أعماقها ، ولقد قيل لنا ونحن في مجلس الإمام الشيخ سي عطية رحمه الله :” حفظ سطرين خير من حمل وقرين و مذاكرة اثنين خير من هذين ” ففي المذاكرة استدرار للمعارف ، وشحذ للذاكرة ، واستعادة للمخزون من المعلومات إلى جانب ثنائية الرأي ، فالرأي الذي تقرر بين اثنين ليس كالرأي الواحد ، فقد قوي بفعل الاتفاق عليه .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أحد علماء الجزائر ينتمي إلى أولاد جلال حركات وهم من بني نائل ولد عام 1909 بنواحي بسكرة ، تعلم القرآن وحفظه حفظا جيدا بزاوية الشيخ المختار بأولاد جلال ، كانت له ذاكرة عجيبة في تخزين المعلومات ، ويذكر الأستاذ بلقاسم النعيمي مدير ثانوية ـ سابقا ـ بخنشلة وأحد أقربائه :” كان والد الشيخ نعيم النعيمي فلاحا بسيطا يملك قطعة في بادية سيدي خالد وله قطيع صغير من الغنم . كانت جهوده ـ رحمه الله ـ مركزة على الاتصال برجال العلم والاستزادة من المعارف ، اشترك في تأسيس جمعية علماء المسلمين  الجزائريين .

 

ومكث الشيخ نعيم النعيمي في بيت الشيخ سي عطية يقاسمه طعامه وشرابه ، وكان دائم الاتصال به ، بعد أن غادر هذه الزاوية العامرة ، وكان شديد التعلق بالجلفة و عين الإبل و لا يفتأ يزورهما من حين لأخر . ومن بين مراسلات الشيخ عطية مسعودى التي كان يبعث بها إلى الشيخ سي النعيمي رحمه الله هذه المقطوعة الشعرية    ( يقدم لها بهذه العبارات )

      حضرة الأستاذ الأجل أخينا في الله عز وجل سيدي نعيم بن أحمد أولاه مولاه الصمد بالنصر والمدد في سرور وبهجة سالكا من السداد نهجه غير مدحوض الحجة ولا مرفوض اللهجة ، السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ما قام الود على أعمدة المواصلة ، ولو بالمراسلة ، وبعد فبينما نحن في غفلة إذ ورد علينا بعض الأخلاء من رحلة حاملا من سلامكم جملة يالها من جملة ،  بشرتني بكوني في بالكم بارك الله في أحوالكم :

 

  يا أديبا له المقـام السامـي  *   عند أهل العـلوم والأفهـام

  قد أتانى  سلامكم يترامـى   *   بين حد الوصال والإنصرام

  بعد تيـه عليه قدّر  حينـا   *   مع  حاملـه  بـلا إجـرام

  سينه ضاع وهو بدء سروري   *   ومعي اللَّام  وهو من آلامي

  فعجبت من أحوذي  تسامى   *   قدره  بين  ممسكي  الأقلام

  كيف  يبخل  باكتابة عنـّا    *   وهو البحر بالجواهر طامي

  ألِعجز أم اعتراه   ذهـول    *   عن حقوق أخوة  الإسـلام

  أنـا ، والله ، سيدي حافظ الـو *   دِّ  القديم  مراعيا   للـذمـام

  ذلك الودّ غرسه كان في عهد الـ  *   شباب لوجه  ذي  الإكـرام

  وبماء الصفـا  سقينـاه حـتى  *  ثبت الأصل منه والفرع نامي

  و سـواء قطـعت فالود بـاق  *  أم وصلت والوصل شأن الكرام