ومما كتبه للطالب الأديب السيد محمد بن الدكالي لما أراد السفر لطلب العلم :
حضرة الطالب الأديب الراغب في نيل المعالي السيد بن الحاج الدكالي لا زال سعيه لاستخراج اللئالي متصلا بالأيام والليالي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وعلى الأستاذ البركة المعزوز سيدي الحاج الدكالي ووالدكم المحفوف بعناية الملك المتعالي سيدي الحاج الدكالي وسائر المحبين ، وبعد ، فقد بلغني حرصك على طلب العلم وأنك متحيّر في أية وجهة يصمد وإلى أيّ ناحية تقصد ، أرشدك الله إلى ناصح أمين ومرشد معين ، واعلم يا ولدي أن العلم الأنفع قد قلّ أهله في ذا الزمان الأرقع بل هم أعزّ من الكبريت الأحمر والياقوت الأزهر لا يضفر بهم إلا من تدرّع بالصبر ورضي بالقبض على الجمر ممتطيا إليهم همة صادقة عليّة وهي إلى بلوغ المأمول من خير مطية غير ملتفت إلى السفاسف ولا مغترا بالزخارف لا يثنيه عن درك الحقائق وُعورة مسلك ولا أيّ عائق، مختارالأخذ عن صحيح العقيدة واسع الدراية في العلوم المفيدة ذا الأخلاق الكريمة والسيرة الحميدة ، ينشطه عند الكسل ويباسطه إذا حصل ملل، ويسلك به أقوم السبل ، ويصفح عنه إن بدا منه زلل فمن وجد مرشدا على هذه الصفة ( ولعله لا يوجد ) فليلزم أعتابه وليحترم جنابه حتى يفتح الله عليه بابه ، هذا مع إخلاص النية لوجه الحي القيوم ولا يتخذ علمه شبكة لغرض مذموم أو منفعة لا تدوم ، فإن سرَّك أن تكون سيفا من سيوف الله المسلولة وحجة من حججه المقبولة ، وعالما ربانيا وحبرا نورانيا ، فغُص في بحار الفقه ، مستخرجا درره ، واسرح في رياض الحديث مجتنيا زهره وثمره ولا تقتنع بالقشور دون اللب ، لعلك تنال القرب من رب الأرباب ، وتكون ممن أوتى الحكمة وفصل الخطاب والسلام ، من ناصحكم لله عطية بن مصطفى .
وهذا نموذج من نصائحه وهو عبارة عن رسالة بعث بها إلى طلبة الشيخ الجليل المربي سيدي عبد القادر بن مصطفى طاهري شيخ زاوية الإدريسية ، ونص الرسالة :
وبعد ، فإنكم في حرم مأمون داخله ، ميمون مخارجه ومداخله في حضرة مربي نظرته عبادة ، ومجالسته استفادة وطاعته فوز وسعادة فألزموا خدمته وراعوا حرمته واعرفوا نعمته واحرصوا على أن تلتقطوا حكمته ولا تسأموا فتحرموا وتندموا ، واعلموا أنكم قد ظفرتم بأعز الكنوز والسر المصون المكنوز فمن عرف قدره أوشك أن يفوز ويحرز السعادة الدنيوية والأخروية ويحوز ، والله لولا صغار وجب علي تطعيمهم وكبار تعيَّن عليّ تعليمهم وشباب انقض وذهب وتركني أتقلب من نار السقم والندم على اللهب لما كنت أوثر على الجلوس بين يدي شيخنا ولو بملء الأرض من الذهب ( ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه) واختار على سعادته نحسه فاغتنموا أيها الأولاد شبابكم قبل الكبر ، وصفو زمانكم قبل الكدر وحياة الأستاذ قبل نزول الخطرفقليل ـ والله ـ من وفِّق إلى ما إليه وُفِّقتم ، وجليل تالله ـ لو تعلمون ـ ما أعطيتم ورزقتم ، يا لها من نعمة ما لها في هذا العصر من نظير، فاشكروا الله كما هداكم إليها يزدكم والفضل كثير ، واسألوا الله ـ معي ـ أن يمدّ في حياة شيخنا إمام العُبَّاد الزاهدين ،لإحياء الدين ونشر العلم وإرشاد المسلمين ، وأن يوفقنا للاهتداء بهديه،ويجعلنامن السعداء به المعدودين من حزبه، تقبل الله آمين ،هذه نصيحتي أهديها إليكم فاحفظوها ترشدوا وتسعدوا وتحمدوا ، والسلام عليكم من عوض أبيكم الراجي منكم دعوة له تزيح المحن وتريح البدن وتقَََوى اليقين ، وتقوم اعوجاجنا حتى ننتظم في سلك المتقين. . ـ عطية بن مصطفى ـ
بعد إهداء لطيف التحية والسلام فقد ابتهجنا جدا وسررنا السّرور كله باجتماعكم في هذا الشهر المبارك شهر الصيام للتفقه في دين الله ومدارسة الأحكام وتزكية الأحلام وإنارة الأفهام على حين علا من الجهل قتامه وساد ظلامه وارتفع سرابه وتراكم سحابه وغلب أقوامه مذ أقبلت أيامه ، أما العلم فقد انحطّ سماؤه واغبرت أرجاؤه وغاض ماؤه وقلّ طلابه وأفل أربابه وتقوضت خيامه وانهزم أعلامه مذ تكسرت أقلامه ، وأصبح في هذا الزمن الحرج من يحسن منه بابا لا يدرى كيف المخرج فكان الزم لبيته من الضبّ بجحره إن قال كلمة دفعت في نحره وأغرقت في بحره وإن كتمها خاف من يوم اللقاء وحره ، هذا حالنا وحال العلم اليوم ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون .
أخوكم عطية بن مصطفى
وكتب له أحد الشيوخ المتخرجين من الأزهر ، والذي كان أستاذا بالمعهد الإسلامي ببوسعادة رسالة ، هذا نصها :
بوسعادة ، المعهد الإسلامي في 15/01/1966م
السيد الأستاذ الكبير والوالد الرحيم والإمام القدير الشيخ عطية بن مصطفى ـ حفظه الله ـ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد فإني أهنئكم بعيد ليلة القدر وعيد الفطر المبارك ، أعاده الله علينا وعليكم وعلى الأمة الإسلامية باليمن والنصر والسعادة والبركات ، لقد كان من حسن حظي أن التقي بكم وأحظى بمعرفتكم ، ولقد سمعت عنكم كثيرا ، وأنا بالأغواط ، من الثناء المستطاب والذكر الطيب ولكني عندما رأيتكم وجدت فيكم من الصفات الكريمة أكثر مما سمعت ، فأكثر الله من أمثالكم ، وجزاكم الله عنى أفضل الجزاء ، وإني أشكركم كثيرا على الضيافة التي قمتم بها نحوي وكنت أتمنى أن أمكث معكم وقتا طويلا ، لولا ضرورة العمل الوظيفي ، وإني أدعو الله سبحانه أن يديم المحبة والمودة بيننا لله في سبيل الله ، وأرجوأن تبلغ سلامناإلىجميع الإخوان وإلى الأستاذ يحي نجلكم بارك الله فيكم ونفع بعلمكم وصلاحكم المسلمين والسلام عليكم ورحمة الله .
الفقير إلى رحمة ربه القدير محمد بن موسى بن عبد الله ، المدرس والواعظ بالمعهد الإسلامي ، بوسعادة .
وهذه رسالة كان قد بعث بها إلى أحد أقربائه وهو السيد شعبان علي الذي سأله عن الأخبار الواردة في خروج الإمام المهدي في أخر الزمان ، وقد قال بالحرف الواحد :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه
20 ربيع الأول 1390هـ الموافق لـ 2 أبريل 1975 م
حضرة الأخ في الله السيد شعبان علي وسائر رفقائه وإخوانه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ، فقد بلغني سؤالكم عن صحة الأخبار الواردة بخروج الإمام المهدي في آخر الزمان ، فاعلموا إخواني أن الواجب على كل مسلم أن يؤمن ويصدق بكل ما جاء به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، والإمام المهدي قد وردت في خروجه أكثر من أربعين حديثا جمعها الإمام جلال الدين السيوطي في كتابه : الحاوي للفتاوى وقد ورد في الحديث أن اليهود يديلون في القدس دولة ، وان الإمام المهدي هو الذي يفنيهم ، قال عليه الصلاة والسلام 🙁 يوشك أن تأتي جالية من هاهنا وهاهنا من اليهود ويديلون في القدس دولة فيخرج لهم العرب في سبع رايات والعرب يومئذ لو قاتلتهم الثعالب لغلبتهم ، ثم يخرج لهم رجل من أهل بيتي ـ يعني الإمام المهدي ـ في ثلاث رايات المكثر يقول هم خمسة عشر ألفا والمقل يقول هم اثنا عشر ألفا فيقاتلهم حتى يختبئ اليهودي بالشجرة أو الحجرة فتقول الشجرة أو الحجرة يا مسلم هذا يهودي ورائي إلا ألأ ذخر ـ وفي رواية الغرقد ـ فإنها لا تخبر عمن اختفى وراءها) وقال عليه الصلاة والسلام لأصحابه ( هل سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب في البحر ، قالوا : نعم يا رسول الله ، قال : لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق) ـ يعني بني إسرائيل ـ ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والسلام عليكم ورحمة الله ، وعلى كل من سلم علينا في رسالتكم كل واحد باسمه .
أخوكم عطية بن مصطفى
كما كانت للشيخ مرسلات مع العلامة عبد الغني تاوتي (رحمه الله) وهو من علماء الأغواط ، وهناك نموذج من المراسلات موجودة في خانة المراسلات .
وكان الشيخ الإمام براهيم القيهري من الأغواط ، يرسل للشيخ سي عطية الأسئلة مستفتيا ، حيث كان يحملها إليه الأستاذ محمد خشبة شفاه الله، وعند عودته من العاصمة يستلم الفتاوى ويبلغها إلى الشيخ القهيري.