بوسعادة 1944
الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. العالم الفاضل والمحب الكامل السيد عطية بن مصطفى الإمام بالمسجد الجامع بالجلفة ، وكافة الجماعة عمار المسجد ، حفظهم الله السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ، أحمد الله على عافيتكم واسأله لكم الإعانة على أعباء ما تحملتم به من الإرشاد لإقامة الدين وحفظ شعائره فذلك هو الجهاد الحق ، فإن الوقت قد جلب فيه إبليس وأتباعه على أهله بخيله ورجله واستولى عليهم فلا يستطيعون خلافه ويستحسنون و يستصوبون ما يمليه عليهم مع جهلهم المركب ، وإني أهنئك بمثل تهنئتك لنا بليلة الميلاد التي هي أفضل من ليلة القدر فقد حضر ملائكة وحور عين لوضعه وظهوره في عالم الشهود نسأل المولى الكريم أن يجعلنا من حزبه وأتباعه المحبين فيه والمتبعين له فيما جاء به ، وأحمد الله الذي جعلنا من أمته كما نرجو منه سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه ونبلغ كلنا ما يرجوه ويتمناه وقد أديتم واجبكم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بكل ما قدرتم عليه ،وحيث كانت الآذان صمّا و العيون عمْيا ، فلم يبق إلا الإنكار بالقلب ، ومنى السلام إلى كافة جماعة المسجد ،وأسأل من الجميع صالح الدعاء ، كما هو منَّا لكم ، ودمتم في أمان الله وحفظه من الشيطان ومكره ، والسلام . كتب عن إذن الشيخ سيدي مصطفى بن الشيخ سيدي محمد بزاوية الهامل ، حفظه الله ، عبده مصطفى بن محمد وفقه الله .
ومما كتبه الشيخ سي عطية مسعودى للشيخ الجليل سي مصطفى بن محمد الهاملي الذي وردت رسالته سابقا : ( يستعير منه كتابا )
بعد السلام مع التحيــ * ـة والثناء السرمـدي
لجناب ذي المجد الأثيـ * ـل،وذي النجارالأحمدي
ضخم المكاسب والمـوا * هب ، والمناقب والـيد
أهل الوفا وأخو الصفـا * هومصطفى بن محمد
فاسمح ، وجُد كرما بـما * أرجوه يا ذا الســؤدد
فـوزا يضاف لغـانــم * إن كـان عندك سيــد
لا زلت ترْقى للعــلا * ترعاك عين الـواحـد
وتنـال غـايات المنـى * في ذي الحياة وفي غـدِ
والله يبقـي عـزّكــم * وينيلـكم ما تـجتـدي
واسمح لنا ظمها الفقــ * ـير ، فإنه صفر اليـد
فرد عليه الشيخ سي مصطفى ـ قدس الله روحه ـ بهذه الرسالة :
الذكي الألمعي المنوّر اللّوزعي ، المهذّب اللبيب ، العالم الأديب المحب السيد عطية بن مصطفى ، منحت الفوز برضا أهل الاصطفاء ومن لك ، بعد سلام أكمل ودعاء أشمل ما شتَّت يُسرُ الله عسرا وقبلَ محبٌ ممن يود عذرا ، فقد كان وصَلنا جواب النظم الفائق البديع الرائق ، فسررنا به جدا ،و أعجبنا صدرا ووردا ، وشهد لكم عندنا بالود الصريح والذوق الصحيح ، وأنكم من البلغاء الأدباء والشعراء النجباء ، وقد حمدنا الله تعالى على نبوغك بتلك الديار ، وتنوير لبِّك بالمعارف والأسرار زادك الله تحلية بالعلم ، ومنحك سلامة الإدراك والفهم، وأبقاك زينة للبلاد،وأمدك بما أمدَّ به أهل العناية والوداد ، وقد فهمنا من القطعة الأدبية الحالية المادحة العالية التماسكم منَّا ” فوز الغانم ” ولتعلم أيها الولد البار ، والمحب السار ، أننا منذ وفود جوابكم الكريم ، ونحن في البحث والسؤال على تحصيل نسخة لكم منه ، ولو بالشراء ، وما ظفرنا به لعزته نفاد ما كنَّا طبعنا منه ، ولذا تأخرنا برد الجواب إليكم إلى حدّ الآن ، هذا هو عذرنا في التأخير ، والسبب الداعي للتقصير ، ونحن إن حصّلناه مستقبلا فستأتيكم منه نسخة إن شاء الله ، وإني لا أنساكم من صالح الدعاء وعلى الله القبول والسلام . كتب عن إذن الشيخ مصطفى بن محمد القاسمي ، فسح الله في مدته وحرس كما له ومجده ، آمين .
حرر بتاريخ : 30/7/1349 هـ الموافق ل 23/11/1930 م
وكتب لفضيلة الشيخ العلامة ابن بشير الرابحي ، مفتي مليانة عام 1370 ، وقد ضمن شعره إليه سؤالا :
يا بهجة العلماء يا عبد الصمــد * يا من عليه في الفتاوي يعتمــد
إني أتيتك سائـلا مسـترشــدا * لتدلّني ـ فضلا ـعلى النهج الأسد
ما قولكم ؟ والله يرفع قـدركـم * ويد يمكم نهْلا يروق لمـن ورد
فيمن تولَّى باختيـار ذوي التقََى * من أهل بلدته إمامـة من سجـد
و بدا لهم من بعد أعوام مضت * حمدوه فيها إذ إلى الله استـنـد
تعيينه عند الحكـومة خوف أن * يلي الإمامة فاسـق في المعتقـد
فأثار قـوم فتنـة وتفـرَّقـوا * عملا بقاعدة الخطا :” فرِّق تسـد “
زعموا وبئس الزعم أن صلاتهم * خلف الحكوميين من عمل فسـد
ولجهلهم ولحاجـة بنفـوسهـم * شادوا ضرارا مسجدا خلف البلد
أغراهم شيخ الضلال ، وغرَّهم * من عن سبيل الله والأعلام ضد
أيَصِحُّ في الشرع الشريف مقالهم * أم ذا افتراء ما له من مستنـد
فأجب واجلب ما اطلعت عليه من *أقوى الأدلةوابق في حفظ الصمد
واقبل تحية واحترام ” عطية ” * مَنْ مِنْ مَدِ يدِ كمال علمك يستمد
فـأ جابه الشيخ ابن بشير الرابحي ـ رحمه الله ـ
فحمدا وحمداً لِلْإِلـه مدى الأبـد *على أنعمٍ جلَّت عن الحصر والعدد
وثم الصلاة و السلام بلا انتهـا *علىالعاقب المختاروالصحب والولد
واهدي سلاما عاطرا متجـدّدا * كنشر الخزامى في الأريج إذا وقد
إلى الشاعر الهمام أعني”عطية” * خطيب بيوت الله والكاتب الأسـد
وبعد فقـد بـدا عليََّ كتا بكـم * مشِّعا كضوءالشمس في طالع الأسد
يسائلني عن عصبة قد تحذلقوا * وقالوا في دين الله بالرأي و اللـَّدد
وهمُّو ولكن لم ينالوا فأركسوا * بما اكتسبوه من آثام ومن جحـد
وقولهم المسؤول عنه خـرافة * يقابل بالإعراض والفض والفنـد
أدلَّتنـا ما قاله السلـف الألى * ء وما عملوا فذالك القاطـع الومـد
فصلُّوا جميعا خلف برّ وفاجـر* حديث رواه البيهـقي وقـد ورد
وصلى الإمام ابن الزبيروغيره * كأم ابن عبد ، وهو في الدين يعتمد
وراءَالوليد والحجَّاج ومن هما؟ * إذ حالهما يغنيك عن كل مستنـد
. . . . . . . .
ومن يترك الصلاة خلف أئمـة * بتلك الدعاوي الساقطات فقد فنـد
و مبتدع أيضا وآثـم قلبـه * ومزدرع بذرا على قمـم الجـرد
وما أسَّسـوه من مساجد شأنهـا * ضِرار وتفريق وإفسـاد معتقـد
وإدخال تشكيك و إبعـاد وارد * عن المنهل الأوفى إلى منهل الثمد
وما مثلهم في الناس إلا كنافـخ*على ضوءشمس كي يرىالليل عن صدد1
أو ملتمس بلجـة البحـر جــذوة2 * بها يصطلي ردحامُجِدٌّا وما وجـد
وما قيل في أخذ الإ مام جراية3* فذاك الحلال الطيب الطاهر الرغد
و أفتى الهداة قبل ذا بجــوازه*كالزين العراقي الفحل والطاهرالخلد
دليله أخذ المصطفى قد ر قوته * من البيت دون ريب فيه ولا فند4
وفي احكام القرآن قد صحّ نقله * لدى مصرف الزكاة و القول يعتمد
لِأقضىالقضاةالحافظ الثبت في الورى * أبي بكر القاضي وقد جاء بالسنـد
لواستوعب الإنسان أقوال من مضى * لضاقت قوافي الشعر و اتسع الـعـدد
ولكن هذا القدر فيه كفايــة * لمنتهج نهج الشريعة والســدد5
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ صدد: ناحية أو ميل أو قصد 2 ـ جذوة : الحمرة الملتهبة 3 ـ الجراية : الجارى : من الوظائف( مقابل مادي ) 4 ـ الفند : الخطأ 5 ـ السدد : الرشاد والصواب
فغض أخي طرفا وكن لي مسامحا * فإن الكمال ليس إلاالى الأحـد
ودع كـل ما يلقونـه مـن مسـا وس *ـ أخي ـ واعتصم بالله تنج من الوبد1
و قا بلهم بالصفح والنصح للــورى* فأنت الطبيب إن أصاب الفتى خضد2
وثابرعلى نشــر العلوم فإنهـا*مفاتيح ايصال إلى كثرة الصفد3
وناظمها يرجوا الدعاء من جنابكم * بحسن الختام والإنابة والرشد
وهْوَ ابن بشـــير الرابحي انتمـاؤه * إلى الدوحة العليا ويكنى عبد الصمد
مباشرا للإفتـاء بمليانـة التـي * لها حرم “باليوسفي “حـرم البلد
فهــذا وصلى الله ربّـِي مسـلمـا *على المصطفى والصحب والأهل والحفد
وتاريخها (سيف العناية مصلت به منح ) الأستاذ نصرا إلى الأبــد.
ومما كتبه للشيخ سي الختار بن علي حين وُلي القضاء :
لجلفتنـا الغرَّا الهناء المختــار* إمام الهدى الداعي لسنة مختـار
وناصر دين الله ركن منـاره *وأقضى قضاة العصرمن غير انكار
مواقفه ترضي الإله ودرسـه * به القلب يحي بعد موت واقبـار
وتذكيره روح القلـوب يهزهـا * وينشر درَّ الدمع من خشية الباري
بني نائل بشراكموا إذ أتاكمـوا * أخوا العدل والتوفيق أكرم بمختار
فتى طالما اشتاقت وحنَّت قلوبكم * للقياه من عهد طويـل وأعصـار
تجلَّى كبدر التَّم في بيت سعـده * ووافى كغيث من بني المزن مدرار
أتى وظلام الجهل مرخي سدوله * يكاد بنا يشفي على جـرف هار
جلا بسناه غيهب الجهل فانجلى * و آل على أن لا يقيم بذي الدار
فأبصر الجـور المبيـد شقيقه * فقال له : ماذا دها خير أنصاري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ الوبد : سوء الحال 2 ـ الخضد : الوجع والانكسار 8 ـ الصفد : القيد
فقال أتى المختار يصحبه الهدى * وأخشاه أن يقضي علي ببـتـار
فقال:وأين العدل؟ قال : قرينه * فصاح ” واجهلاه، و قرن أثواري
هما أفلا ، والعلم والعدل أشرقا * بعزّ وتأييـد وكثـرة أنصـار
ونلنا بحمد الله أقصى مرادنــا * فشكرا لمولانا على لطفه الجاري
امختار يا حبرا الباهر علمــه * وحجتـه تعنـو ثواقب أفكـار
إليك من العبـد الفقير هديـة * مكافاته حسن القبـول لأعـذاري
فوالله لولا السقم أنهك قوتــي *لشرفت سمعي بالحضور،وأبصاري
فسامح ودم في ذروة العز ممتعا * بطيب حيـاة لا تشاب بأكـدار.