رسالة العالم الشيخ مبارك الميلي رحمه الله

رسالة العالم الشيخ مبارك الميلي رحمه الله

رسالة العالم الشيخ مبارك الميلي رحمه الله بعث بها إلى فضيلة الشيخ سي عطية ردا عن خطاب توجه به إليه.

                                                                           مبارك بن محمد الميلي  

الحمد لله وحده                                                             

الأغواط في 8 صفر 50 ـ 25 / 06 سنة 1931 .

      الأديب الفاضل السيد عطية بن مصطفى ، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد فقد أتتني رسالتكم وسررت بها لصحة تراكيبها وسلامتها من اللحن ، فحمدت الله على انتشار العربية بينكم فإن فهم الدين متوقف عليها ، وما ذاق حلاوة الدين من حرم النظر في كتاب الله وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما ذاق حلاوتهما من لم يرزق حظا وافرا من العربية ، فعلى نسبة الرجل من العربية تكون نسبة مقدرته على فهم أصول الدين النقلية وقد كان مما رجح به العلماء الإمام مالكا على الإمام أبي حنيفة رضي الله عنهما أن مالكا أعلم منه بالعربية وأحوال العرب فلا تسأموا ـ أعانكم الله ـ من مطالعة كتب العربية وأخبار العرب وحرضوا إخوانكم على ذلك وعلموهم مما علمكم الله ما وجدتم الى التعليم سبيلا ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه .

      أما إعرابكم الآية فصحيح لا يحتاج الى زيادة بيان ولا فائدة في التطويل إذا كان الخصم قاصرا معاندا ، وتقدير الآية : وما أنساني الحوت ذكره إلا الشيطان ويؤول الى قولنا وما أنساني ذكر الحوت إلا الشيطان ، وبدل الاشتمال هو ما كان بينه وبين المبدل منه علاقة يغير الكلية والجزئية ، فالذكر هنا على الحوت ومرتبط به وليس كله ولا جزءه ، ولفظ الله لا ينادى إلا ب ” يا ”   خاصة ، صرح به النحاة ، وعللوا ذلك بالسماع إذ لم يسمع في كلام العرب نداء الله بغيرها ، وإن وقع في كلام الناس نداؤه بغيرها فالحجة في كلام العرب لا في كلام صوفي ولا غير صوفي ، والصوفي إنما هو حجة في فنة لا في غير التصوف .  وقوله في الحديث نصفها          بدل من ما ، وثلثها يصح أن يعطف على النصف بحذف أو ، ولكن حذفها قليل في كلام العرب ،ويصح أن يكون بدل بدأه من النصف كما تقول فلان غيث بحر تريد تشبيهه في كثرة نفعه للناس بالغيث ثم يبدو لك ويظهر لك أن تشبيهه بالبحر ، ومعنى كتب قدّر ، ولم يظهر لي ما يحتاج الى الشرح والإعراب غير هذا ، ودمتم في العلم راغبين وفي الاستقامة سائرين وبحفظ الله مكلوئين  والسلام عليكم وعلى أحبائكم في الله .

                            من أخيكم في الله مبارك بن محمد الميلي

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ملحوظة: سبق لفضيلة الوالد الشيخ سي عطية رحمه الله أن اختلف مع أحد المكابرين حول إعراب الآية الكريمة :”وما أنسانيه إلاّ الشيطان”.

     ومما كتبه لفضيلة الشيخ سي الحاج محمد بن الأخضر حساني  والذي له علاقة حميمة بالشيخ سي عطية ـ رحمهما الله ـ ، وقد كان الشيخ سي الحاج محمد شاعرا أيضا :

 

أديب سليم حـبرها و إمامهـا  *   وقدوتها في الدين حقا  وهامها

ومن  بفتاويه المسائل تجتـلي  *   فيعرف منها  حلّها  وحرامهـا

محمديا ذا الفضل دام سموكـم  *   ورفعتكم  في الناس باد وسامها

سلام عليكم زج ّه الشوق عاطر *   يغنّي به  فوق السطوح حمامها

سلام به تحيـا المـودّة بيننـا  *   وتبني على أسِّ الصفاء خيامها

فيعرب عمافي الضميرمن الولا  *  لكم،وعهودليس يخشىانصرامها

يعمّ  بنيكم  والأهـالي ورفقـة  *  لها فيك حبّ يقتضيه  احترامها

وإني  لما أوليتمـونيه شـاكرا  *  فلي نفس حرّ لا يضيع  ذمامها

بصومكم الاقبال نلتم مع الهنـا  *  وبهجة نفس يستمـرّ  ابتسامها

وعيد  سعيد  يستهـل عليكـم   *  بعافية يرضيـك  منها  دوامها

وأبقاك من أولا ك علما وحكمة   *  غدا من  ينابيع الكتاب  قوامها

ونسأل ربي  حسن خاتمة بهـا  *   يكون لنفسي في الجنان مقامها.

 

      ومما كتبه لأساتذة مدرسة الإخلاص وهم الشيوخ : بوطِي وبَلاحي ، ومرزوقي عندما أرسلوا له بمجموعة كتب هدية ، وقد كتبوا على غلاف المجموعة :

 

هديـة  لكم بقـدر  الطاقـة   *   أوجبها الـوداد والصـداقة

 

     فقال مجيبا من نفس البحر :

 

شكرا لكم من صاحبي لباقـة   *   أنفسهم نحو العلا سبـّاقـة

جاءت هد يتكمـوا كبـاقـة   *   أزهارها بطيبهـا عبـّاقـة

                    مدّ عليكـم الرضى  رواقـة

وحق من بنى السماء  وسمك   *   ما لأخيكم  مثلها  فيما مـلك

لذا يراها من أعـزّ ممتـلك    *   لمن طريق الخير رام وسلك

                    يمشي بنورها إذا اشتدّ الحلك

فهي لكم صنيعـة  مدّخـرة    *    تعطى  لكم ثمار ها  مؤخـرة

وهي لنا مرشـدة ومفخـرة    *    بها وجوه الحق أضحت سافرة

                     ضاحكة ناضرة مستبشـرة

أحياكم  الله  حياة  زاهـرة    *     في نعم تضفى عليكم وافـرة

تعلون من دين الهدى  منائرَ   *     وترشدون كل نفس حـائـرة

                     لتسعدوا بدرجات الآخـرة.

 

     وحينما ورد إليه نبا قدوم الشيخين الجليلين : الشيخ سي المكي والشيخ سي بن عزوز بحاسي بحبح أنجال الشيخ المختار الهاملي كتب هذه القصيدة يحث فيها جماعة بحبح على الاستفادة من علمهم والتقرب إليهم :

   طاب المقام ” ببحبح ” للقاري  *  مذ حلّ فيها أسـرة المختـار

   بيت السيادة  والولاية والتقى  *  والعلم قدما  والنوال  الجاري

 القاسميين الألى ملكـوا العـلا  *  وسمـوا بأفق المجد كالأقمـار

في أفق” بحبح “أشرقت أنوارهم  *  فأضاء ت  الأرجاء  با لأنوار

يا أهل “بحبح ” قد ظفرتم بالمنى *  بجوار أعلام الهـدى الأحبـار

مكيّ والصنو ابن عزوز الرضا *  بهما  فخرتم  سائر  الأمصـار

فهموا الشيوخ الكاملـون وراثة *  فقهـا ودينـا  واقتـفـا آثـار

كم درّجوا من صبية، كم فرّجوا * من كربة ، كم خرّجوا من قاري

عنهم خذوا،بهم اقتدوا كي تهتدوا * كونوا لهم من خيـرة الأنصـار

كان الأوائل يطلبـون العلم  في * أقصى الأماكن طاعة  للبـاري

مستسهلين الصعب في تحصيله  * متحمّلين  شدائـد  الأسفــار

لهم العزائم والنفـوس كبيـرة  *  لا  تنثني لعواصف  الأخطـار

كانوا ليوثا في الوغى،كانوا غيو *  ثا في الندى  كانو حماة  الجار

كانوا جميعا كالأخوة في صفـا  *  لا  تعتريه شـوائب الأكـدار

فغـدوا بحورا لا تكـدرها الدِّلا *  و سموا بدور هداية  للسـاري

و مضوا كراما فانظروا آثارهم  *   إن  الرجال  تقاس  بالآثــار

لكن اتى من بعدهم خلف أضـا *  عوا ، غافلين ، جواهر الاعمار

نظروا الى الفقه العزيز و أهله  *  نظر التيوس إلى مُدى الجـزّار

بل قد تغالوا في عداوتهـم إلى  *  أن صار هذا الدين  في  إدبـار

لم يغن في تنبيههم  صبّ  البلا  *  متنـوّعـا  بتنـوّع الأشـرار

فتنبّهوا  فالعلم حـلّ بـداركـم  *  وبه الحياة  تطيـب للأحـرار

فلتجهدوا  في  أخذه  عن أهلـه  *  بالصدق والإخلاص والإكثـار

والله نسأل للجميـع  إعانـة  *  وعنايـة في سائـر الأطـوار

هذي نصيحة من يريد فلاحكم *  في هذه الدنيـا  وتـلك الـدار.